الخط الفاصل بين الرحمة والتساهل
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)
لقد أخذ الله عزوجل الميثاق على أهل العلم أن يقولوا الحق ،دون وضع فى الاعتبار هل سيقتنع الخلق بهذا الحق أم لا وأن الرسول والمبلغين عن الله لا يملكون إلا هداية البيان ،أما هداية التوفيق لا يملكها إلا الله ...
قال الله تعالى: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ)
وهناك خط فاصل بين الرحمة فى دعوة الخلق وبين التساهل....
فمثلا: عندما نذكر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالشاب الذى جاء يستأذن فى الزنا..!
انظر إلى التوجيه النبوي الرفيع معه بأبى وأمى، قال له رسول الله: صلى الله عليه وسلم: (ادْنُ فدنا حتى جلس بين يديْهِ , فقال النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ : أتحبُّه لأُمِّكَ فقال : لا , جعلني اللهُ فداك , قال : كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه لِأمَّهاتِهم , أتحبُّه لابنتِك ؟ قال : لا ، جعلني اللهُ فداك قال : كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه لبناتِهم , أتحبُّه لأختِك ؟ وزاد ابنُ عوفٍ حتى ذكر العمَّةَ والخالةَ , وهو يقولُ في كلِّ واحدٍ لا , جعلني اللهُ فداك , وهو صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه).
*فهنا أولا: فى تقريبه له أرسل له رسالة طمأنة ورحمة .
*ثانيا:لم يتطرق إلى ذكر الحكم الشرعى ولا العقوبات الدنيوية والأخروية المترتبة على الزنا، وذلك لأن الشاب كان يعرف جيدا حرمة الزنا.
*وإلا لما أتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلك معه مسلكا اخر....
أراد صلى الله عليه وسلم أن يريه الوجه الحقيقى القبيح للزنا... ليستل من قلبه هذا المرض العضال.
فتصير الصورة مستقبحة ومستبشعة عنده غاية البشاعة،بعدما كان يطلبها وينافح عنها.
فكأنه قال له كلما هممت بهذا الفعل ،تخيل أحدا يفعله بأمك ،أو أختك أو بنتك........
فهذا التخيل كفيل أن يرد ما في نفسه إذا كان مستقيم الفطره فكان توجيهه صلى الله عليه وسلم غاية فى الرحمة.
وعلى الجانب الأخر لم يهون الأمر ويتساهل معه
فلم يقل له مثلا...ما تمر به أمر عادى فى مرحلة الشباب ...وغدا تتزوج وتعف ...كما يتساهل كثير من الأباء مع أولادهم ويتركوهم يفعلون الموبقات ظنا منهم أنهم يرحمونهم.
والرحمة الحقيقية هى أن تحجز النار عمن تحب.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
# زمن الغربة
الحمد لله رب العالمين
إرسال ردحذفيارب اهدنا ويسر هدنا
إرسال ردحذف