المدود الملحقة بالمد الطبيعي
يلتحق بالمدِّ الطبيعي حكماً عدة مدود تمدُّ بمقدار حركتين لا يزيد عليها ولا ينقص، وهي: صلة هاء الضمير الصغرى، وصلة ميم الجمع الصغرى عند من يصلها من القرَّاء، ومدُّ العوض، ومدُّ التمكين. وتفصيلها كما يأتي:
صلة هاء الضمير الصغرى:
هي: الهاء الزائدة [1] المتحركة التي تتصل بالاسم والفعل والحرف وتدل على الضمير الغائب المفرد المذكر[2]، والتي تقع بين متحركين، وتشمل أيضاً اسم الإشارة للمؤنث [هذه]، فهذه الهاء ليست حرف مدٍّ إلاِّ أنه يتولد منها في حالة الضم واو مدية تمدُّ بمقدار حركتين لأنها صغرى أي لم يأت بعدها همز نحو: ﴿لَهُ و مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الحشر 24] تقرأ [لهو ما]، وفي حالة الكسر تتولد منها ياء مدِّية نحو: ﴿بِهِ ي عَلِيمٌ﴾ [البقرة 215] تقرأ [بهي عليم]، وعلى نفس السياق ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ ي مُلْتَحَداً﴾ [الكهف 27] تقرأ [دونهي]،و ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ ي خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى 27] تقرأ [بعبادهي] وفي القرآن من أمثالها كثير.
ملاحظة: لاتمدُّ هاء الصلة وقفاً، وكذلك إذا التقت مع الساكن نحو: ﴿لَهُ الْمُلْكُ﴾ في [البقرة 247]، ﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ في [غافر 3] إنما تبقى مقصورة.
منهج ابن كثير في هاء الضمير:
لابن كثير المكي [رحمه الله] منهج يختلف عن غيره من القرَّاء فإنه يمدُّ هاء الصلة المتحركة التي قبلها ساكن مخالفاً بذلك القاعدة العامة فيها نحو ﴿فيهِ ي هُدىً﴾ [البقرة 2] و﴿أَخَاهُ و هَارُون﴾ بالإضافة إلى القاعدة العامة الخاصة بها. وافقه حفص عن عاصم في حرف واحد في الفرقان هو ﴿فِيهِ ي مُهَاناً﴾. وسنفرد مطلباً مستقلاً خاصاً بهاء الصلة لجميع القراء إن شاء الله.
صلة ميم الجمع الصغرى:
هي: ميم الجمع الساكنة الواقعة بين متحركين التي تتصل بالاسم والفعل والحرف، فهذه ليست حرف مدٍّ إلاَّ أنها يتولد منها واو مدية تمدُّ بمقدار حركتين لأنها صغرى نحو ﴿عَلَيهِمْ وَلا الضَّآلِينَ﴾ فتقرأ [عليمو] وهكذا، وهي ليست لجميع القرَّاء إنما متخصصة بقرَّاء محددين كقالون عن نافع، وابن كثير، وأبي جعفر، وسنفرد لها مطلباً مستقلاً خاصاً بها إن شاء الله.
مدُّ العوض:
هو: المدُّ الذي يحصل عند الوقف على التنوين المنصوب فقط في آخر الكلمة، وذلك بحذف التنوين والوقف على ألف مدِّية تمدُّ بمقدار حركتين، كالوقف على ﴿بَصِيراً﴾ و ﴿أَفْوَاجَاً﴾ فتقرأ [بَصِيرَا] و [أفواجَا].
مدُّ التمكين[3]:
هو: عبارة عن تمكين حرف المدِّ من الظهور بإطالة الصوت بمقدار حركتين عند التقائه بحرف يماثله متحرك إما قبله أو بعده أو مشدد أو مخفف.
أو عبارة عن يائين أو واوين متتابعتين أولهما مشدد والثاني ساكن، أو مخفف متحرك والثاني ساكن.
وسميَّ بالتمكين: لأنه يخرج متمكناً بسبب الشدَّة. وله صور ثلاث:
الصورة الأولى: أن تقع الياء المدِّية بعد ياء مشددة مكسورة نحو: ﴿النَّبيِّين﴾، ﴿الأُميِّين﴾. أما إذا وقف عليها فحكمها حكم المدِّ العارض فيجوز فيه الأوجه الثلاثة للعارض للسكون.
والصورة الثانية: أن تقع الواو الساكنة المضموم ما قبلها وبعدها واو متحركة نحو: ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في [آل عمران 200]، أو أن تقع الياء الساكنة المكسور ما قبلها وبعدها ياء متحركة نحو ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ﴾ [الناس 5] فيجب تمكين المدِّ في الواو أو الياء الساكنتين بمدِّها حركتين منعاً من الإدغام أو الإسقاط.
والصورة الثالثة: أن تقع الواو المدِّية بعد واو مضمومة نحو ﴿يَلْوُونَ﴾ [آل عمران 70] أو أن تقع الياء المدِّية بعد ياء مكسورة نحو ﴿يُحْيي﴾ [آل عمران 156].
المواضع التي يسقط فيها المدُّ الطبيعي:
لسقوط المدِّ الطبيعي مواضع محددة في القرآن الكريم:
الموضع الأول: إذا جاء بعد حرف المدِّ حرف ساكن في كلمتين:
يسقط المدُّ الطبيعي وصلاً إذا جاء بعد حرف المدِّ حرف ساكن ولا يكون ذلك إلَّا في كلمتين - أي يأتي حرف المدُّ في كلمة والحرف الساكن في كلمة أخرى - نحو ﴿فِي الأَرْضِ﴾ في [البقرة 11]، ﴿فاتَّقُوا النَّارَ﴾ في [البقرة 24]، ﴿مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ في [البقرة 25] وفي القرآن الكريم كثير مما يشابهها ، وسبب سقوط المدِّ الطبيعي هو لالتقاء الساكنين.
والموضع الثاني: ألف [أّنَا] [أينما وقعت] في القرآن: فهي تحذف وصلاً وتثبت وقفاً إلاَّ في مواضع معينة هي:
إذا جاء بعدها همز نحو ﴿وَأَنَا أَوُّلُ﴾ في [الأنعام 163] و [الأعراف 143]، و ﴿فَأَنَا أَوُّلُ﴾ في [الزخرف 81]، و ﴿أَنا أُنَبِّئُكُمْ﴾، و ﴿أنَا أَخُوكَ﴾ في [يوسف 45 و 69]، و﴿أَنَاْ أَكْثَرُ﴾، و﴿أَنَاْ أَقلُ﴾ في [الكهف 34 و 39]، و ﴿أَنَاْ أَدْعُوكُمْ﴾ في [غافر 42].
• قرأها نافع، وأبو جعفر بإثبات ألف [أنا] وصلاً ووقفاً، ولا يخفى أن لهما المدّ المنفصل وكل حسب منهجه.
• وقرأها الباقون بحذفها وصلاً وإثباتها وقفاً.
إذا جاء بعدها [إلَّا] نحو ﴿أَناْ إِلاَّ﴾ في [الأعراف 188]، وفي [الشعراء 115]، وفي [الأحقاف]:
• قرأها قالون عن نافع بوجهين:
الأول: بإثبات الألف في [أنا] وصلاً ووقفاً فيكون المدُّ منفصلاً وهو على أصله في المدِّ المنفصل.
والثاني: حذفها وصلاً وإثباتها وقفاً.
• وقرأها الباقون بالحذف وصلاً والإثبات وقفاً.
والموضع الثالث: ألف ﴿لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي﴾ في [الكهف 38]:
• قرأها ابن عامر الشامي، وأبو جعفر، ورويس عن يعقوب بإثبات الألف بعد النون وصلاً.
• وقرأها الباقون بحذفها وصلاً وهم نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح عن يعقوب، وخلف العاشر.
• وأجمعوا على إثباتها وقفاً اتباعاً للرسم.
والموضع الرابع: ألف ﴿الظُّنُونَا﴾ و ﴿الرَّسُولا﴾ و ﴿السَّبِيلا﴾ في [الأحزاب 10 و 66 و67]:
• قرأها نافع، وابن عامر الشامي، وشعبة عن عاصم، وأبو جعفر بإثبات الألف بعد النون وصلاً ووقفاً.
• وقرأها حمزة، وأبو عمرو، ويعقوب بحذف الألف وصلاً ووقفاً.
• وقرأها الباقون بحذفها وصلاً وإثباتها وقفاً وهم ابن كثير، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف العاشر.
والموضع الخامس: ألف ﴿قَوَارِيرا قوارير﴾ في [الإنسان 15]:
• قرأهما نافع، وشعبة عن عاصم، والكسائي، وأبو جعفر بالتنوين وصلاً فيهما [قواريراً قواريراً]، وبإبدالهما ألفاً وقفاً على العوض فتمدُّ بمقدار حركتين.
• وقرأهما ابن كثير، وخلف العاشر بالتنوين في الأولى وبتركه في الثانية وصلاً، ووقفاً على الأولى بالألف على العوض، وعلى الثانية بحذفها مع إسكان الراء.
• وقرأهما أبو عمرو، وابن عامر، وروح عن يعقوب، وحفص عن عاصم بترك التنوين فيهما وصلاً، ووقفوا على الأولى بالألف وعلى الثانية بحذفها مع إسكان الراء إلاَّ هشاماً عن ابن عامر وقف على الثانية بالألف أيضاً، ومن وقف فله فيها مدُّ العوض.
• وقرأهما حمزة، ورويس عن يعقوب بترك التنوين فيهما وإذا وقفا حذفا الألف فيهما مع إسكان الراء.
والموضع السادس: ألف ﴿سَلاسِلا﴾ في [الإنسان 4]: ففيها وجهان للقرَّاء:
الأول: الإثبات.
والثاني: الحذف بإسكان اللام [سلاسلْ]. فمذاهبهم فيها كما يأتي:
• قرأها نافع، وهشام عن ابن عامر، وشعبة عن عاصم، والكسائي، وأبو جعفر بالتنوين فيها وصلاً، وبإبدالها ألفاً وقفاً.
• وقرأها الباقون بحذف التنوين وصلاً.
واختلفوا في قراءتها وقفاً:
• فأبو عمرو، وروح عن يعقوب وقفا عليها بالألف.
• وحمزة وقنبل عن ابن كثير، ورويس عن يعقوب، وخلف العاشر وقفوا عليها من غير ألف مع إسكان اللام.
• ولحفص عن عاصم، والبزي عن ابن كثير، وابن ذكوان عن ابن عامر وجهان وقفاً:
الأول: كأبي عمرو وروح عن يعقوب بالألف.
والثاني: كحمزة ومن معه من غير ألف مع إسكان اللام.
[1] تعني زائدة : أي أن الهاء الأصلية التي تكون من صلب الكلمة لا علاقة لها بهاء الكناية نحو [تنته] .
[2] ونعني بالمفرد المذكر : أي تخرج الهاءات التي في [عليها ، عليهما ، عليهم ، عليهن] فهذه لا تسمى هاءات كناية اصطلاحاً.
[3] ينظر : هداية المستفيد في أحكام التجويد ص 17، وأصول التلاوة ص 136.
بقلم / حامد شاكر العاني
يمكنك ترك رسالة هنا إذا أردت الاستفسار عن شئ