ما التفسير الصحيح لقوله تعالى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) النجم :39 ؟


 ما التفسير الصحيح لقوله تعالى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) النجم :39 ؟


يظن الكثير أن معنى هذه الآية : أن الإنسان ليس له من ثواب الأعمال إلا ما عمله بنفسه وهو سعيه ؛ ثم يجعلونها دليلاً على أن الميت لا ينتفع بسعي الأحياء .

وفي هذا الفهم نظر ؛ ولا يصح لهم الإستدلال بهذه الآية على ما ذكروا .

ولبيان معنى الآية الصحيح أنقل هنا كلاماً قيماً للشيخ السعدي  في تفسيره .

قال  : (وقد استدل بقوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) من يرى أن القرب لا يفيد إهداؤها للأحياء ولا للأموات قالوا لأن الله قال: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ مَا سَعَى) فوصول سعي غيره إليه مناف لذلك، وفي هذا الاستدلال نظر، فإن الآية إنما تدل على أنه ليس للإنسان إلا ما سعى بنفسه، وهذا حق لا خلاف فيه، وليس فيها ما يدل على أنه لا ينتفع بسعي غيره، إذا أهداه ذلك الغير له، كما أنه ليس للإنسان من المال إلا ما هو في ملكه وتحت يده، ولا يلزم من ذلك، أن لا يملك ما وهبه له الغير من ماله الذي يملكه.)


وهذا ما ذهب إليه أيضاً تلميذه العلامة محمد العثيمين رحمة الله على الجميع فقال  :
(قوله – تعالى- : (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) المراد – والله أعلم – أن الإنسان لا يستحق من سعي غيره شيئاً ، كما لا يحمل من وزر غيره شيئاً ؛ وليس المراد أنه لا يصل إليه ثواب سعي غيره ؛ لكثرة النصوص الواردة في وصول ثواب سعي الغير إلى غيره وانتفاعه به إذا قصده به ، فمن ذلك:
1- الدعاء:فإن المدعو له ينتفع به بنص القرآن الكريم والسنة،وإجماع المسلمين ، قال الله –تعالى –لنبيه -- : (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) وقال – تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقول :ون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).
فالذين سبقوهم بالإيمان هم المهاجرون والأنصار ، والذين جاؤوا من بعدهم هم التابعون فمن بعدهم إلى يوم الدين ؛وثبت عن رسول الله –  –أنه أغمض أبا سلمة، وقال : "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه ، وافسح له في قبره ، ونور له فيه" . وكان  يصلي على أموات المسلمين ، ويدعو لهم ، ويزور المقابر ، ويدعو لأهلها ، واتبعته أمته في ذلك حتى صار هذا من الأمور المعلومة بالضرورة من دين الإسلام؛ وصح عنه  أنه قال: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه…"
وهذا لا يعارض قول النبي -  - : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم لأن المراد به عمل الإنسان نفسه ، لا عمل غيره له ؛ وإنما جعل دعاء الولد الصالح من عمله ؛ لأن الولد من كسبه، حيث إنه هو السبب في إيجاده ، فكأن دعاءه لوالده دعاء من الوالد نفسه – بخلاف دعاء غير الولد لأخيه ، فإنه ليس من عمله – وإن كان ينتفع به -؛ فالاستثناء الذي في الحديث من انقطاع عمل الميت نفسه لا عمل غيره له، ولهذا لم يقل : انقطع العمل له ، بل قال: "انقطع عمله". وبينهما فرق بين .)

ثم ذكر أمثلة أمثلة كثيرة بتفصيل وتحرير عجيب قيّم أنصح الجميع بقراءته ، وهو في كتاب :مجموع فتاوي ورسائل 2/310 وما بعدها في جواب السؤال رقم363 .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -