تعريف المتون وأقسامها
المتن لغةً:
يطلق لفظ المتن على عدة معانٍ منها: متْنُالكتاب: لفظ الأصل الذي يُشرَحُ، وتضاف إِليه الحواشي، ومنها الحلف: يقال متن لي بالله؛ أي: حلف، ومتن الأرض: ما ارتفع وصلُب، ومنها المَتْنُ:ما بين كلِّ عمودين، ومنها متْناللُّغة: أصولها ومفرداتها وألفاظها، ومنها: متْنالحديث: غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام، ومنها سارمتنَالنَّهار: سار النهارَ كلَّه وغيرها[1].
وأقربها إلى مرادنا هو اللفظ وإن كانت أغلب المعاني قريبة؛ إذ كلها تبين القوة والرصانة؛ قال ابن فارس: ((الميم والتاء والنون، أصل صحيح واحد يدل على صلابة في الشيء مع امتداد وطول))[2]، وهذا ما يدل عليه المتن؛ إذ يعطي لصاحبه قوةً وتمكُّننًا من استحضار المعلومات وقت الحاجة أو السؤال.
أما المتن في الاصطلاح:
فقد عُرِّف بأنه: (خلاف الشرح والحواشي)[3]، (وقد سموا به في الاصطلاح هذه المختصرات العلمية؛ لأنها تتضمن المسائل الأساسية للركوب والحمل)[4].
وأقول فيه: المتن: هو كلمات مختصرة في رسالة صغيرة، تجمع بين سهولة النطق وجمال العبارة، وبين إيجاز الألفاظ وكثرة المعاني، تصاغ نثرًا أو نظمًا، تخلو في الغالب من الاستطراد أو التفصيل؛كالشواهد والأمثلة إلا في حدود الضرورة[5].
وغالبًا ما يطلق العلماء هذه التسمية على كتاب مختصر متداول بين أهل العلم وطلَّابه، في ذلك العلم؛ فمثلًا: متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي، متن الآجرومية في النحو، متن الطحاوية في العقائد.
وعادة ما يراد بهذا الإطلاق لكلمة "متن" تمييز الكتاب عن شرحه؛ فمثلًا يُقال: متن الغاية؛ تمييزًا له عن شرحه الذي هو كتاب آخر شرح فيه ابن قاسم الغزي المتن أو غيره من الشروح.
والمتون عادة ما تكون مختصرةً، تحوي معانيَ كثيرةً، وقواعدَ مهمةً في العلم الذي أُلِّفَت فيه، في عبارات قليلة من أجل أن يسهل حفظُها، وضبط مسائل العلم بواسطتها.
والمتون موجودة من قديم الزمان؛ ولكنها لم تُعرَف بهذا الاسم؛ بل باسمالمختصرات؛مثل: مختصر الخرقي، عمر بن الحسين الخرقي المتوفى سنة (334هـ)، في فقه الحنابلة.
وتنقسم المتون إلى قسمين:
• متون منثورة: وهي الأكثر.
• متون منظومة في أبيات الشعر: يُسمَّى الشعر التعليمي، وتكون غالبًا من بحر الرجز[6]، وقد تكون من غيره.
وهذه المنظومات العلمية تنقسم إلى قسمين:
1- منظومات في علم معين استقلالًا؛ كألفية ابن مالك في النحو.
2- منظومات لمتن معين؛ مثل: ألفية العراقي نظم مقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، ونظم العمريطي لمتن الورقات في أصول الفقه.
[1] ينظر: الصحاح 6/ 2200، ولسان العرب 13/ 398، والمصباح المنير ص (215)، وتاج العروس 9/ 340.
[2] معجم مقاييس اللغة 5/ 294.
[3] دائرة معارف القرن العشرين 8/ 434.
[4] المدخل الفقهي العام 1/ 187.
[5] ينظر: الدليل إلى المتون العلمية 40.
[6] الرجز بحر معروف من بحور الشعر، وتُسمَّى قصائده الأراجيز، واحدتُها أرجوزة، ويُسمَّى قائله راجزًا؛ وإنما سمي الرجز رجزًا؛ لأنه تتوالى فيه حركة وسكون، ثم حركة وسكون، وهو يشبه في هذا بالرجز في رجل الناقة ورعدتها، وهو أن تتحرَّك وتسكن، ثم تتحرَّك وتسكن، ويُقال لها حينئذٍ: رجزاء. والرجز ديوان العرب في الجاهلية والإسلام، وكتاب لسانهم، وخزانة أنسابهم وأحسابهم.
د. إسماعيل عبد عباس
يمكنك ترك رسالة هنا إذا أردت الاستفسار عن شئ