أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، اختلف في اسمها فقيل: سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة، وقيل: مليكة. وتُلقَّب بالغميصاء أو الرميصاء
تزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة؛ لأن المدينة صارت دار إسلام، فخرج إلى الشام فهلك هناك.
ثم تزوجت بعد الإسلام وكان قصة زواجها عجبا ولم يتكرر في التاريخ مثله؛ فعن أنس قال: «خطب أبو طلحة أم سليم -رضي الله عنها- قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره». فأسلم وتزوجها أبو طلحة. فكانت بذلك أول امرأة جعلت مهرها إسلام زوجها.
ومن مناقبها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ».
ومما يدل على وفاء أم سليم بالعهد، ما روته أم عطية -رضي الله عنها- قالت: «أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا غير خمس نسوة: أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى».
وروى البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي : «رَأَيْتُنِى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا بِلاَلٌ. وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لِعُمَرَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ». فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله، أعليك أغار؟!
ويحكي لنا أنس رضي الله عنه قصة تفيض إيمانا بالله ورضى بقضائه وقدره فيقول: ثقل ابن لأم سليم مرض، فخرج أبو طلحة إلى المسجد، فتوفى الغلام، فهيأت أم سليم أمره، وقالت: لا تخبروه. فرجع، وقد سيرت له عشاءه، فتعشى، ثم أصاب من أهله، فلما كان من آخر الليل، قالت: يا أبا طلحة! ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا عارية، فمنعوها، وطلبت منهم، فشق عليهم؟ فقال: ما أنصفوا. قالت: فإن ابنك كان عارية من الله، فقبضه. فاسترجع، وحمد الله، فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه، قال: بارك الله لكما في ليلتكما.
فحملت بعبدالله بن أبي طلحة، فولدت ليلا، فأرسلت به معي، وأخذت تمرات عجوة، فانتهيت به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يهنأ أباعر له، ويسمها، فقلت: يا رسول الله! ولدت أم سليم الليلة. فمضغ بعض التمرات بريقه، فأوجره إياه، فتلمظ الصبي، فقال: (حب الأنصار التمر). فقلت: سمه يا رسول الله.
قال: (هو عبدالله). قال عباية: فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين، كلهم قد ختم القرآن.
يمكنك ترك رسالة هنا إذا أردت الاستفسار عن شئ