قد تكون البليّة عين النعمة

 


🌀 قد تكون البليّة عين النعمة❗

✒️ قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :

إذا ابتلى الله عبده بشيء من أنواع البلايا والمحن ، فإن ردّه ذلك الابتلاء والمحن إلى ربه وجمعه عليه وطرحه ببابه فهو علامة سعادته وإرادة الخير به ، والشدة بتراء لا دوام لها وإن طالت فتقلع عنه حين تقلع ، وقد عوض منها أَجَلَّ عوض وأفضله وهو رجوعه إلى الله بعد أن كان شاردا عنه ، وإقباله عليه بعد أن كان نائيا عنه ، وانطراحه على بابه بعد أن كان معرضا ، وللوقوف على أبواب غيره متعرضا ، وكانت البلية في هذا عين النعمة وإن ساءته وكرهها طبعه ونفرت منها نفسه ، فربما كان مكروه النفوس إلى محبوبها سببا ما مثله سبب ، وقوله تعالى في ذلك هو الشفاء والعصمة *{وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}* .

وإن لم يرده ذلك البلاء إليه بل شرد قلبه عنه وردَّه إلى الخَلق وأنساه ذكر ربه والضراعة إليه والتذلل بين يديه والتوبة والرجوع إليه فهو علامة شقاوته ، وإرادته الشر به فهذا إذا أقلع عنه البلاء ردَّه إلى حكم طبيعته وسلطان شهوته ومرحه وفرحه فجاءت طبيعته عند القدرة بأنواع الأشر والبطر والإعراض عن شكر المنعم عليه بالسراء كما أعرض عن ذكره والتضرع إليه في الضراء ، فبليَّةَ هذا وَبَالٌ عليه وعقوبة ونقص في حقه ، وبلية الأول تطهير له ورحمة وتكميل .

{طريق الهجرتين}   (172) 📖

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -