🌀 جهاد النفس
✒️ قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
تأملت جهاد النفس فرأيته أعظم الجهاد ، ورأيت خلقًا من العلماء والزهاد لا يفهمون معناه ؛ لأن فيهم من مَنَعَها حظوظها على الإطلاق ، وذلك غلط من وجهين :
1️⃣ أحدهما : أنه رب مانع لها شهوة أعطاها بالمنع أوفى منها ، مثل أن يمنعها مباحًا ، فيشتهر بمنعه إياها ذلك : فترضى النفس بالمنع ؛ لأنها قد استبدلت به المدح .
وأخفى من ذلك أن يرى -بمنعه إياها ما منع- أنه قد فضل سواه ممن لم يمنعها ذلك .
وهذه دقائق تحتاج إلى منقاش فهم يخلصها .
2️⃣ والوجه الثاني : أننا قد كُلفنا حفظها ، ومن أسباب حفظها ميلها إلى الأشياء التي تقيمها ، فلا بد من إعطائها ما يقيمها ، وأكثر ذلك أو كله مما تشتهيه ، ونحن كالوكلاء في حفظها ؛ لأنها ليست لنا ، بل هي وديعة عندنا ، فمنعها حقوقها على الإطلاق خطر .
⬅️ ثم رب شَدٍّ أوجب استرخاء ، ورب مضيِّقٍ على نفسه فَرَّت منه ، فصُعبَ عليه تلافيها ؛ وإنما الجهاد لها كجهاد المريض العاقل ، يحملها على مكروهها في تناول ما ترجو به العافية ، ويذوب في المرارة قليلًا من الحلاوة ، ويتناول من الأغذية مقدار ما يصفه الطبيب ، ولا تحمله شهوته على موافقة غرضها من مَطعم ربما جَرَّ جوعًا ، ومن لقمة ربما حَرمت لقمات .
⬅️ فكذلك المؤمن العاقل ، لا يترك لجامها ، ولايهمل مقودها ، بل يرخي لها في وقت ، والطول بيده ، فما دامت على الجادة ، لم يضايقها في التضييق عليها ، فإذا رآها قد مالت ، ردها باللطف ، فإن ونَّتْ وأبتْ فبالعنف ...
{صيد الخاطر} (81-80) 📖
يمكنك ترك رسالة هنا إذا أردت الاستفسار عن شئ