الوقوف على الباب إلى رب الأرباب

 


✍ يقول ابن الجوزي رحمه الله :

☘" رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب ، فيكرر الدعاء و تطول المدة و لا يرى أثرا للإجابة ؛

👈فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر !!

☘وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب ؛ و لقد عرض لي من هذا الجنس ؛

🍁فإنه نزلت بي نازلة فدعوت فلم أر الإجابة ، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده ، فتارة يقول : الكرم واسع ، والبخل معدوم ، فما فائدة التأخير ؟!!

⬅️ فقلت له : اخسأ يا لعين ، فما أحتاج إلى تقاضي ، ولا أرضاك وكيلا !!

☘ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياكِ و مساكنةَ وسوسته ، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو ، لكفي في الحكمة .

🔸قالت : فسلِّني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة !!

🔹فقلت :
1⃣ قد ثبت بالبرهان أن الله عز و جل مالك ، و للمالك التصرف بالمنع والعطاء ؛ فلا وجه للاعتراض عليه .

2⃣والثاني : أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة ، فربما رأيتِ الشيء مصلحةً ، والحكمة لا تقتضيه ، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر ، يقصد بها المصلحة ، فلعل هذا من ذاك .

3⃣والثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة ، والاستعجال مضرة ، وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) .

4⃣الرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيكِ ؛ فربما يكون في مأكولك شبهة ، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك ، في منع حاجتك ، لذنبٍ ما صدقتِ في التوبة منه .
👈فابحثي [ يا نفس ] عن بعض هذه الأسباب لعلك تقعين بالمقصود ...

5⃣والخامس : أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ؛ فربما كان في حصوله زيادة إثم ، أو تأخيرٌ عن مرتبة خير ، فكان المنع أصلح !!

🌴وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو ، فهتف به هاتف : إنك إن غزوت أُسرت ، وإن أُسرت تنصرت !!

6⃣والسادس : أنه ربما كان فقد ما فقدته سببا للوقوف على الباب واللجْء [ أي : اللجوء إلى الله ] ، وحصوله سببا للاشتغال به عن المسؤول ، وهذا الظاهر ؛ بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجوء ... وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه ففيه جمالك !!

👈وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك ؛ من رفع خلل ، أو اعتذار من زلل ، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب !! " .

📚 صيد الخاطر (59-60) .

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -