قال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى:
الْقُرْآن كَلَام الله وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ وَصِفَاته ..
فَتَارَة يتجلى فِي جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال ، فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء .
وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء وجمال الصِّفَات وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات ، فيستنفد حُبهُ من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا بحب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله ، فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته ، فَإِذا أَرَادَ مِنْهُ الغير أن يعلق تِلْكَ الْمحبَّة بِهِ ، أَبى قلبه وأحشاؤه ذَلِك كل الإباء كَمَا قيل :
يُرَاد من الْقلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على النَّاقِل
فَتبقى الْمحبَّة لَهُ طبعا لَا تكلفا ، وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد ، وانبسط أمله وَقَوي طمعه وَسَار إِلَى ربه ، وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره ، وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل ، كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل غلق أرضه بالبذر ، وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر . {كتاب الفوائد} (69)
يمكنك ترك رسالة هنا إذا أردت الاستفسار عن شئ